قال مسلمة بن عبدالملك : " دخلتُ على عمر بن عبدالعزيز بعد الفجر في بيت كان يخلو فيه بعد الفجر ، فلا يدخل عليه أحد ، فجاءته جارية بطبق عليه تمر - وكان يعجبه التمر - ، فأخذ قليلا من التمر فوضعه في كفّه وقال : يا مسلمة ، أترى لو أن رجلا أكل هذا ثم شرب عليه من الماء ، أكان مجزئه إلى الليل ؟ ، قلت : لا أدري . قال : فرفع أكثر منه ثم قال : أيجزئه هذا ؟ ، قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، كان كافيه دون هذا ، حتى ما يبالي أن لا يذوق طعاما غيره ، قال : فعلام يدخل النار ؟ قال مسلمة : فما وقعت مني موعظة ما وقعت هذه " .
قال النضر بن شميل : " غلا الخزّ في موضع كان إذا غلا هناك غلا بالبصرة ، وكان يونس بن عبيد خزّازا ، فعلم بذلك ، فاشترى من رجل متاعا بثلاثين ألفا ، فلما كان بعد ذلك قال لصاحبه : هل كنت علمت أن المتاع غلا بأرض كذا وكذا ؟ ، قال : لا ، ولو علمت لم أبع . قال : هلم إليّ مالي ، وخذ ما لك . فرد عليه الثلاثين الألف " .
ذكر علماء التراجم أن كهمسا سقط منه دينار ، ففتّش عنه فلقيه ، لكنه لم يأخذه ، فسئل عن ذلك فقال : " لعله غيره " .
وقال الحسن بن عرفة : قال لي ابن المبارك : " استعرت قلما بأرض الشام ، فذهبت على أن أرده ، فلما قدمت مرو نظرت ، فإذا هو معي ، فرجعت إلى الشام حتى رددته على صاحبه " .
وعن محمد عن عبيدة قال : " اختلف الناس في الأشربة ، فمالي شراب منذ ثلاثين سنة إلا العسل واللبن والماء " .
وقال يحيى بن سعيد : " زاملت أبا بكر بن عياش إلى مكة ، فما رأيت أورع منه ، لقد أهدى له رجل رطبا ، فبلغه أنه من بستان أخذ من خالد بن سلمة المخزومي ، فأتى آل خالد فاستحلهم وتصدق بثمنه " .
وعن ابن النجار قال : " كان الإمام ابن عقدة يؤدب ابن هشام الخزاز ، فلما حذق الصبي وتعلم وجّه إليه أبوه بدنانير ، فردها الإمام ، فظن ابن هشام أنه استقلّتلها فضاعفها له ، فقال : ما رددتها استقلالا ، ولكن سألني الصبي أن أعلمه النحو ، فاختلط تعليم النحو بتعليم القرآن ، ولا أستحلّ أن آخذ منه شيئا ولو دفع إليّ الدنيا " .